الاثنين، 17 ديسمبر 2012

لبنان .. قصة موت مؤجل ؟

لبنان
 مجلة أسرار : (مقال) بقلم: نصري الصايغ --
 I ـ السؤال عن لبنان؟
راودني سؤال واحد، في ما مضى من أيام، حفلت بكلام كثير، عن استقلال لبنان: «هل انتهى لبنان، وإذا لم ينته، فلماذا؟» والباعث على السؤال، ما آلت إليه السياسة فيه، والتشظي الذي بلغته مجموعاته البشرية، وحالات العداء المريعة، المؤسسة على الخيانات المتبادلة. والباعث على السؤال أيضاً، اختلاف الكلمات والخطب والمحاضرات التي استحضرتها مناسبة الاستقلال، التي أجادت في رسم المسارات لنهائية الكيان، كإنجاز جدير بالتشبث به والتحصن فيه والدفاع عنه… جميل: لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه. مناسبة هذا الكلام ندوات ومحاضرات ونقاشات ومداخلات، أخذت حيزاً هاماً من النشاط الذي سبق ذكرى الاستقلال. واحدة في مدرسة الحكمة، واخرى في الجامعة الانطونية، وثالثة في مجدليون قرب صيدا.../...

ندوة «استقلال 1943: الحدث والمرايا»، شارك فيها الدكتور مسعود ضاهر والدكتور أحمد بيضون والدكتور انطوان باخوس، مع مساهمة لباسكال لحود وصفت فيها استقلال لبنان في مرآتنا كلبنانيين، واللبنانيين في مرآة الاستقلال.

كنت متنبها وحذراً ومراقباً محايداً لما قيل حول السيرة التاريخية للاستقلال، وهي سيرة غنية بالتناقضات. غير ان ما لفتني في سيرة بيضون وضاهر، انهما انطلقا من مطرحين متناقضين، وبلغا نتيجة واحدة هي فوز الكيان اللبناني بإقرار مثبت، بنهائية الكيان… وكان هذا لافتا جداً، فنضال «اللبنانيين» في النهاية، لم يكن غير مجدٍ، من هذه الناحية على الأقل. فالإقرار التام بنهائية الكيان، هو محصلة إيمان اللبنانيين بلبنان! أو هو محصلة مصالح قوى فيه، ازدهرت وصاغت لبنان على شاكلتها.

II ـ إلى الكيان بالقوة والإكراه

الكيان الذي كان مرفوضاً شيعياً، ثارت عليه قوى في جبل عامل، سحقت وأذلت وانتهكت من قبل عسكر الانتداب الفرنسي، سيقت قياداتها وجماهيرها إلى احتفالات الدوس على الكرامات وتلزيم الشيعة دفع الجزية، بسبب ما أقدموا عليه من تأييد للثورة العربية بقيادة فيصل وللوحدة السورية، ولم يتوان المنتدب الفرنسي عن استعمال المسيحيين في قرى الجنوب لإذلال الشيعة والتنكيل بهم.. فأفصل حارس للانتداب، إلى جانب بنادق العساكر، السلاح الطائفي. ولقد كان الثاني فتاكا، وفتكه يستذكر على الدوام.

أفضت ثورات جبل عامل المنكوبة، إلى إدخال الشيعة بيت الطاعة الكياني، من خلال تنصيب نخب عائلية إقطاعية رثة، تسلّلت عبر محاصصة «المرابع»، أو محاصصة النزر اليسير، لبلوغ حالة الكف عن فضائل الوحدة والقبول بفضلات الكيان.

العنف يقنع؟ لم يدخل الشيعة عن قناعة، بل عن خوف ودرءاً للمذلة والخطر، وطلباً للسلامة… استسلموا، فسلّموا بالكيان، على مضض.

السنّة العروبيون، على خطى العامليين الوحدويين، نبذوا الكيان ورفضوه. امهم سوريا، ويشعرون بأنهم لقطاء في لبنان.. لم يلتحق السنة العروبيون بالكيان إلا بعد هزائم كبدها الفرنسيون للوحدويين في سوريا، وأشقائهم في مؤتمر الساحل. حفلت حقبة ما قبل قبول أبوة الكيان المفروضة عليهم، سلسلة من النكبات التي ألحقت بالمقاومات والثورات التي اندلعت بعد مذبحة ميسلون (كثورتي العلي وهنانو)، وسحق الثورة السورية الكبرى، بقيادة سلطان باشا الأطرش.. حملات التنكيل والسحق والإذلال، وتجييش «أقليات» شركسية وارمنية للدخول في الكرنفال الطائفي، دفعت قوى منهوكة ومغلوبة من بورجوازية مدينية هشة، وإقطاع منهك وحائر، إلى القبول بالتفاوض مع الفرنسيين، تأسيساً على ان «السلاح مرتعه وخيم».

دخل السنة في لبنان إلى الكيان، بعد هزيمة الثورة السورية، وتطويع قادة الكتلة الوطنية في سوريا، وبعد ممارسة الاعتقال والنفي والاضطهاد، بحق من كان قد قرر تطليق الثورة والدخول في مبارزة التفاوض. تماماً، كما تم استيلاء لبنان الراهن، بعد هزيمة ميسلون، واستقرار الوضع لغورو. رائد الديموقراطيات بأعقاب البنادق والجيوش الجرارة.

عندما آل الرهان على المقاومة المسلحة إلى الفشل، استبدلت القيادات السورية شعار «الوحدة والاستقلال» اولا، بشعار نقيض: الاستقلال أولاً والوحدة ثانياً، ويومها، زار وفد سوري البطريركية المارونية، بصحبة الصلحين كاظم ورياض، وتم في ذلك اليوم، التخلي السوري عن مطالب الوحدويين بأقضية لبنان وسواها… استقلال الكيان كان قراراً سورياً، رفضته قيادة سنية وحدوية وعروبية، في البداية، ثم سارت به مكرهة.

أيضاً وأيضاً… الكيان، ولد بالغصب وما كان بالرضى والامتناع، ولعل السياسة الواقعية، أخذت مجالها الحيوي الخاص. وفي السياسة، تتفوق الحسابات والمصالح على المبادئ والقضايا… وهكذا كان. أصبح كيان لبنان نهائيا بالفعل، في العام 1936. قبل به السنة والتحق الشيعة والدروز كانوا في أساسه في الجبل، والموارنة استحقوه منحة لهم، مع امتيازات فادحة.

إذاً… الكيان، من زمان، صار معترفا به، ولا حاجة إلى ان يكون ذلك اكتشافا في العام 2012. وإذا كان محصلة جهد اللبنانيين انهم صاروا يعترفون بكيانهم هذا، فبئس الجهود التي بذلوها، فما قيمة كيان بلا إنسان؟ ما قيمة كيان اغتصبت سيادته طوائفيات مستفحلة؟


III ـ لبنان أبدي سرمدي؟

لا خوف على لبنان منذ ما قبل الاستقلال. كأنه من أبد وسرمد. لم تقو عليه أي قوة عاتية من داخله أو من خارجه. اهتز مراراً ولم يقع. انقسم دائماً وظل كيانا واحداً. وعلى الرغم من المعطوب والثقوب والتداعيات والانهيارات والأزمات والحروب والفتن والطوائف والمذاهب والتبعية والانعزالية والميليشيات والأحزاب والتيارات والمقاومات… ظل لبنان كيانا ثابتا وصلبا، بحدوده الجغرافية… ولا فضيلة للبنانيين راهنا، بالتغني بنهائية الكيان.

كيان لبنان، ليس رهن إرادة بنيه… وجد ليبقى، وقد حال الفرنسيون دون «تذوبيه» في كيان آخر. وسبب ثبات الكيان، ككل الكيانات، انه ولد بإرادة المنتصرين في الحرب الكونية التي غيرت الجغرافيا، وبدلت الحكام، وأخضعت شعوبا.

فلبنان كيان أزلي بإرادة خالقه الفرنسي المنتصر والمجتمع الدولي بأسره. الدول التي استولدها الاستثمار بشخطات قلم، لم تتغير كياناتها إلا بعد حروب طاحنة دامت لعقود (السودان واريتريا). الكيان ليس مرتهنا لإرادة شعبه. ليس مرتهنا لمن يقبله أو من يرفضه من قواه الطائفية. انه معطى قوي، مؤيد من العالم كله. تأكيد المؤكد، لا يفيد، وكأنه تغطية على أزمات هذا الكيان الصامد، بشعوبه المتهالكة.

لم يكن يستحق الكيان معارك من أجل تعديل صيغة «الوجه العربي»، «بالعربي»، فمن ظن ان هذه المادة تؤكد نهائية الكيان اللبناني وقع في الوهم. الكيان أقوى من كل عوامل رفضه وتدميره في الداخل وأقوى من كل العاملين على تقويضه من الخارج.

لبنان الكيان كان أقوى من دعاة القوميتين السورية والعربية، أقوى من الناصرية، وبالمناسبة، «الثوار» في العام 1958، ما كانوا وحدويين على مستوى الكيان، دمجاً أو إلحاقاً، كانوا وحدويين في السياسة الواجب ان يعتمدها الكيان. ان «ثورتهم» في العمق، كانت ضد الوحدة، لقاء مناصب وشراكة في السلطة.

ليست عروبة لبنان مشكلته، بل أي سياسة إقليمية عليه ان ينتهج. في كل مرة ينقسم الكيان، يبقى في مكانه، ولا يرتحل إلى مكان.


IV ـ لبنان ضد الاستقلال ومع الاستتباع

لا لبنانية للبنانيين. هناك لبنانية مضاف إليها أو مضافة إلي. لبنانية ناقصة لا تكتفي بذاتها. لبنانية مقتصرة على لفظة مضامين متعددة ومتناقضة، ملتئمة قليلاً وملتحمة قليلاً ومتفجرة أحياناً. شعوب الكيان فائضة عنه، الكيان لا يكفيها وجوداً، ولا يكفيها انتماء. كيان بشعوب (طوائف) متصلة بمن هو خارج الكيان، أكثر من اتصالها مع من هم داخله. شعوب متصالحة مع شعوب تشبهها دينا ومذهباً ومصلحة، في دول الجوار القريب أو الجوار النفسي البعيد، شعوب متحالف مع… ضد شعوب في داخل الكيان… لبنان، منذ البداية. ولد على قارعة الانتماءات المتنابذة. منها من اكتفى بالكيان، قومية تامة، ومنها من ظل امتداده متخطيا حدود الكيان ودستور الدولة ووحدة المجتمع. اكتفى بالإقامة في الكيان وفي خارجه أيضاً. والاقامتان أصيلتان ومتماهيتان.

أسرد ذلك لأجد تفسيراً، ربما يكون مفيداً، لعدم قدرة لبنان على الاستقلال، وعلى ان يكون سيداً مستقلا. السيادة هي نتيجة طبيعية للاستقلال، ولا يكفي ان يكون الاستقلال نظرياً، عبر آلية تعديل الدستور، وفق ما قال الدكتور مسعود ضاهر، اجتماع المجلس النيابي على إلغاء المواد الدستورية الخاصة بصلاحيات المندوب السامي الفرنسي، تصلح في كيانات، سيادتها منوطة بتنفيذ مواد الدستور. لبنان، دستوره لا يشبهه. نصوصه لا تشبهه. هو محكوم بما هو خارج الدستور وأحياناً ضده، الميثاقية، أرقى مرتبة وأقوى نفوذاً، من الصرامة الدستورية. الاتفاق أو التسوية، ولو على ظهر الدستور، أفضل من الاحتكام للمواد الصريحة والمعلنة والتي لا حاجة إلى فقه يفسرها. وعلى هذا فسيادة لبنان التي لا يصونها دستور، تنتهكها جماعات عابرة للسيادة.

فالسيادة في الكيان اللبناني نادرة. لقد انتهكت بما يكفي، كي يصبح لبنان السياسي برمته، برسم الإيجار. صحيح ان الكيان ظل كياناً تاماً، غير منقوص، أرضاً وتراباً وهواء، انما لم يكن تحت السيادة اللبنانية التامة. جيوش اجتاحته وحكمته ونفذت فيه سياسات مدمرة لوحدته وممزقة لنسيجه الاجتماعي المتهافت. جيوش أميركية، أطلسية، عربية، سورية، إسرائيلية، متعددة الجنسيات… هتكت السيادة، بدعم وتأييد من فرقاء لبنان الطائفيين، «حراس» هذا الكيان. «حراس» الكيان بوابو التدخل الخارجي. بطاقات الدعوة للتدخل لا يزال حبرها من دماء اللبنانيين.

أكثر من الجيوش، هتكت سيادة لبنان من قبل محاور إقليمية ودولية، حتى باتت الدولة والسلطة فيه خيمة كراكوز، والحاكم «فزاعة بساتين».

صح ما قاله الرئيس حسين الحسيني في الندوة في الجامعة الانطونية. لدينا كيان وليس لدينا دولة. انما، لماذا لم نبن دولة؟. بناة الدولة، اقتنعوا بالكيان ولم يبنوا دولة، لأنهم ليسوا بناة دولة، هم بناة نفوذ، يسطون به على السيادة الوطنية، ويستعينون بالخارج لتحصين نفوذهم وإبقاء سطوتهم، عبر تبادل المصالح مع الخارج. لبنان، لا جوانية له. هو خارجي، وامتداداته إلى الخارج لا تلتقي، بينما يلتقي الخارج المتعدد في داخله فيتجزأ وينقسم ويفتتن وقد ينفجر.

كأن العلة في البداية. أي من لحظة استيلاء الكيان. اجتمعت والتأمت على فوارق في المرتبة: الموارنة أولاً، المسيحيون معهم. السنة ثانياً، والشيعة معهم إلى ان حان موعد استيلاد المجلس المحلي الخاص بهم. هؤلاء، حكموا الكيان منذ ولادته، حكموه مع الفرنسي وضده، مع سوريا وضدها، مع عبد الناصر وضده، مع أميركا وضدها، مع إسرائيل وضدها، مع الجميع ضد الجميع.

انزلوا في الدستور مادة تنص على المحاصصة الطائفية الموقتة، مشروطة بعدم احداث ضرر بالمصلحة العامة. وكان ما كان، من حصص بلغت ضد النهب والإفساد والمافيات، ومن رأس الهرم حتى اسفله. المادة 95 أصل البلاء. وقد تم وضعها في أول عهد مع الكيان في العام 1926.

القرار 60 ل.ر. نظم الطوائفيات، فأخذت حصتها وزادتها تثقيلاً وامتيازات واستعباداً للناس وإلحاقا بالتخلف ورجوعاً إلى القرون الوسطى الأوروبية المظلمة بسلفياتها الكاثوليكية؟؟.


V ـ الطوائف لا تبني دولة

الطوائف، ليست مؤهلة لبناء دولة. المحاصصة ضد الدولة وضد الدستور، لأنها تلغي مبدأ المواطنة المبنية على المساواة أمام القانون، والمساواة في الفرص، والمساواة في الحقوق، والمساواة في الحساب والعقاب. الطائفية ألغت مبدأ الدولة عبر إلغائها المحاسبة وإلغائها مبدأ المساواة… وألغت مبدأ الانتخاب والرقابة، عندما أنتجت قوانين انتخابية كثيرة، بركيزة طائفية، أنتجت دائماً، مجالس نيابية، إذا شرّعت فبالتوافق، وان حاسبت فبالصمت المتبادل. لم يحدث ان أسقطت حكومة في المجلس بعد حساب. لم يحدث ان أحداً حوسب إلا كيداً أو انتقاماً، وباستقواء خارجي.

الطائفية بنت نظاماً يشبهها. هي بشعة ونظامها أبشع منها. نظامها تسييب للدولة. نظامها لا يمت بصلة إلى الدستور وإلى فلسفة التوافق، أو إلى الميثاقية. للدستور مندرجات ومسالك ومناطق عبور وقيود تقيّد السلوك السياسي والاقتصادي والاعلامي والتربوي. الدستور يضمن الحقوق ويكفل الحريات وينص على الثواب والعقاب… الميثاقية، سياق آخر، عندما يتعذر الانتظام وفق النصوص، وتعلو المخاوف من طغيان العدو على حقوق الجماعات الدينية أو الاتنية الصغرى. منطق التوافق، حفظ حقوق الجماعات لطمأنتها على ان الدولة دولتها وان النظام نظامها، ليس على قاعدة المحاصصات السياسية، بل على قاعدة التطمينات، بعدم طغيان متعمد من جماعة على جماعة. مرحلة ما قبل المواطنة تستدعي رسم الطريق في كل خطوة، لبلوغ مرتبة الانتماء أولا، للوطن… منطق التوافق في لبنان، همجي وبربري، يقوم على التهديد بالكبائر وعظائم الأمور، من اجل الصغائر وتوافه النفوس. ترفع الاضداد الطائفية. شعار القضايا القومية والمذهبية والدينية من اجل حصة او صفقة او محسوبية… منطق التوافق، قائم على زرع الألغام، وتفكيكها مقابل غنيمة. التوافق صفقة، لا تسوية على ركائز الصالح العام، وبناء الدولة. (اتفاق الدوحة نموذجاً، ودائرة بيروت الثانية فضيحة، والاتفاق على رئيس جمهورية … (ضع الكلمة المناسبة) والعودة إلى قانون الستين معدلاً، كارثة).

الديموقراطية التوافقية لم يذق طعمها لبنان. لقد تذوق واستمرأ قتل الديموقراطية بالتوافق، لأن الديموقراطية تميتها الطوائفية. انهما ضدان يتنابذان، والغلبة للطائفية في المجتمعات المتخلفة، المحكومة بعصبيات مافيوزية ودينية.

لم افهم كيف يمكن الحفاظ على الطائفية السياسية وتبرئتها من دم الدولة، واعتبارها غير مسؤولة عما ارتكب بحق الوطن باسمها؟ لم افهم كيف ان الدكتور محمد علي مقلد، قام بتشريح الطوائفيات المتناوبة، في معرض تشريحه للشيعية السياسية، واعتبارها مسؤولة عن الخراب الوطني. فكيف يستقيم منطق الإبقاء على الطائفية السياسية، من دون الالتفات إلى ان المارونية السياسية والسنية السياسية والشيعية السياسية والدرزية السياسية… الخ، هي العائلات الشرعية التي جاءت من نسل الطائفية السياسية. من دون طائفية سياسية مرعية ومدعومة في النظام، لا مارونية ولا شيعية ولا من يتمذهبون. هناك منطق غير مستقيم. الطائفية السياسية لا تستولد من رحمها إلا هذه الكيانات المستذئبة، بحيث يكون الطائفي ذئباً لأخيه الطائفي، في غابة لبنانية مستنفرة دائماً على المزيد من التوحش والسفك. وإلا فكيف نفسر انفلات الأمن طائفياً، وطغيان الخوف على اليوم والغد والمصير؟

كما ليس مفهوماً، لدى الدكتور مقلد والدكتور مسعود المولى، اتهام العلمانيين «بتنقيز» اللبنانيين. وكيف تكون بداية تكوين الدولة وإعادة الحياة إليها، عبر نقد اليسار والشيوعية والقومية في لبنان، وتحميلها أوزار الكيان وكوارثه. هذه الفئات السياسية لم تحكم لبنان، ولم تشارك في حكمه، وسعت إلى تعديل نظامه سلماً وإضراباً، قبل ولوج الحقبة المسلحة في الحركة الوطنية؟ كيف تكون العلمانية مخيفة، بينما الرعب والأهوال كلها، تزحف يومياً، كلما ازداد منسوب العنف الطائفي اعلاميا… وأزقة؟ هل العلماني مخيف أم الطائفي مرعب؟ هل اليسار مسؤول عن دمار الدولة، أم الطائفيون السياسيون، الى أي دين أو مذهب أو حزب أو تيار ينتمون؟

الطائفية تسلّمت كيانا من 10452 كلم2، وفتتته إلى دويلات وعصبيات ذئبية، بلغت ذروتها في أيامنا هذه، حيث انك ان سألت لبنانيا عن احوال غده، استعوذ بالله من شيطان الغد الرجيم.


أعود إلى السؤال: هل انتهى لبنان؟

لن ينتهي في المدى المنظور، ولا في الامداء البعيدة. سوف يبقى هذا الكيان عبئاً على اللبنانيين، سنبقى بلا دولة، وبلا سيادة، وبلا استقلال، ونعيش كالنور الرحل، ننتقل من ضفاف أزمة إلى حفافي الهاوية.

-----
السفير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...