الصفحات

الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

زنا المحارم في السنما العربية

زنا المحارم في السنما العربيةقبل عدة أيام استقيظت متأخراً, بينما أنتظر أمي تعد لي وجبة الفطور, هممت بتشغيل جهاز التلفاز أخذت أنتقل من قناة فضائية إلى أخرى, محاولأ إيجاد مشهد يعطي للقلب أملاُ وللعقل حكمة من شأنها تجعل ليومي لوناً مختلف وأنا على هذا الحال.
جاءت أمي حاملة وجبة الأفطار, تركت جهاز “الريمونت” غير مبال إلى أين أدى بي هذا الانتقال, بدأت أكل مما رزقنا الله وأنعم, لكن سرعان ما لفت مسامعي وأنظاري مشهد، لا ليس مشهداً؛ إنما قصة كاملة في منتهى العهر والدعارة.

حاولت أن أستوعب المشهد، لكن للأسف الإدراك عاجز عن استيعاب مثل هذه الرذيلة, فلجأت للتبرير، وما من مبرر.

فإن قناة اسمها “حواس” عربية مع الأسف, والمسلسلة المعروضة سورية بكل أسف؛ لو كانت قناة أجنبية أو المسلسلة مدبلجة؛ لكان في الأمر تبرير كأن حصل خطأ فني, أو تقصير في الجانب الإشرافي, في ظل هذا التفكير ومحاولة إدارك ما رأت العين واشمأزت به المسامع.

وجدت نفسي أطفئ شاشة التلفاز وأتناول كوب الشاي وسيجارتي, في المساء نفسه تذكرت ما حدث عند الإفطار حول هذا المشهد وجدت نفسي تختصر لي المقال بهذه العبارة ” لا عجب فإن الصلة بين الفن والعهر وثيقة الثانية مكملة للأولى والأولى مبرر للثانية”.

أمسكت قلمي الإلكتروني, أناقش هذه العبارة, وأكتب عن هذا الموضوع برمته؛ عله يلاقي أذانا صاغية تقدر خطورة الموضوع وأهميته.

المناقشة:

أعني بالفن هو ما يعرض على شاشات التلفاز العربية، سواء أفلام سينمائية, أو مسلسلات دارمية أو أغان رومانسية, اذ وجدت هناك دلائل حول صلة الفن بالعهر ومن هذه الدلائل:

1.واقع وتاريخ الفن

إذ لا تجد فيلماً عربيا خاليا من أي مشهد إباحي / جنسي صريح قط, وعندما أقول لا تجد فلا يحق الاعتراض بدون دليل, لذا وفر لنفسك الثرثرات التقليدية والمبررات اللا منطقية القائلة ” في الحقيقة إن هناك انهيار في المنظومة الفنية العربية وما يثبت ادعاءنا أن أفلام الزمن الجميل ـ أبسط دليل ـ كانت في منتهى الفن”.

المؤسف من يقول جاهلاً بمسيرة الفن العربي, كأنه لم يشاهد أفلام الزمن الجميل أيام زيزي , وميرفت, وأيام وأبناء جيلهم إلهام شاهين وليلى علوي, أما عن المسلسلات العربية وخاصة الحديثة من أكثر سبعة سنوات عجاف, وإلى هذه الأيام لا تجد مسلسلة عربية أم أجنبية, خالية من أي مشهد أو إيحاء إباحي / جنسي بشكل أو بآخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, أما عن الأغاني، فكأن الغناء لم يوجد لإثارة القلوب والمشاعر, إنما لإثارة الشهوات والغرائر.

    مقياس الدين – المجتمع – الأخلاق

لا أعتقد أنه يوجد هناك دين يسمح بهذه الأفلام التي تسمى فن، ومعروضها عهر, فكيف بالدين الإسلامي الذي يعلم منه حساسية وشدة تعامله مع مثل هذا الأمر في شريعته, وحتى الفلسفة لا تبرر، فلو أخبرنا فلسفة كانط الأخلاقية لصرخت مستنكره, لا بل حتى فريدريك نيتشه لو كان بيننا ليوم لألف كتاب “ما رواء الفن والعهر في سينما العرب”

أما عن المجتمع وسلوكه اتجاة هذا الفن, بالرغم من كونها نظرة مليئة بالازداوجية، لكنها رافضة مستنكرة لهذا الفن, حيث لا تجد من السواد الأعظم راضياً أو مؤيدا بفن كهذا؛ لكن بنفس الوقت الكثير من هذا السواد يتابع هذا الفن, بالرغم من ادعائه هذا الجانب, أما الآخر الأكثر ازدواجية ودلالة, نظرة المجتمع حول الفنانة القديرة والفنان المحبوب, لا تتعدى عن كونهم معنى من معاني الانحطاط والسقوط الأخلاقي

يكاد ينعدم أن تجد شخصاً يرضى بأن تكون أخته مثل الفنانة “س” أو يتشرف بالفنان “ص” يكون والده, لكن في نفس الوقت ما إن يشاهد – السواد الأعظم – هذه الفنانة أو ذلك الفنان حتى يسارعوا إلى الحصول على شرف التوقيع سابقاً, أما الأن شرف الحصول على صورة “سيلفي”, ويمكن القول بأن “ازدواجية العربي” هي من أسباب استمرار هذا الفن الهدام فهو مع هذه الأفلام ما دامت داخل غرفته أما خارجها رافضاً.

إذ لا توجد نظرة دينية أو أخلاقية أو فلسفية تبرر فنا كهذا مليئا بالإباحية يعرض يومياً أمام كافة الفئات العمرية من دون رقيب, لكن للإنصاف هناك فقط يمكنهم أن يبرروا فنا كهذا.

حصل أن صادفت عقولا كتلك، الأول شخص ملحد دينياً وأخلاقياً واجتماعياً، متحرر حتى من اللا شيء مبدؤه في الحياة “المتعة” تجد لديه بعض المبررات الشهوانية التي لا تقل سوء عن الأفلام المعروضة, أو شخص ثاني قد يكون فرنسياً أو عربياً مدعياً التنوير وديانته الشيطان, مبرراته بكل سخافة أنها رسالة فنية وحرية شخصية, فأي رسالة فنية في ممارسة الجنسية الجنس في الفيلم لا أعلم, وأي حرية شخصية مزعومة, أليست الحرية بأقصى حال أن تمارس الجنس في الخفاء وليس أمام ملايين المشاهدين؟

مـا هـو الفـن ؟

ألا يتضح لنا مما سبق الصلة الوثيقة بين الفن والعهر؟ وكيف أن أحدهما مكمل للآخر, ليخرج لنا في قوالب الأفلام والمسلسلات, نعم يا سادة فضلاً عن كل ما ذكرت من أدلة, هناك أدلة تاريخية وفلسفية, وعن الأدلة الفلسفية فإن الجدال الفلسفي لا زال قائم حول إيجاد تعريف للفن متفق عليه وعن ماهية – الفن – ومقياسه لدرجة نجم عن هذه الجدال عدة نظريات فلسفية منها: (التشابه العائلي, القالب الدلالي, اللاقصدية, المؤسساتية…الخ)

وكل نظرية من هذه النظريات لها من النقد والاعتراض مايعادل مضمونها فجادلات الفلسفة لاتفتر, بما أن الواقع الفني هكذا وبما أن التفلسف حق مشروع والحرية الشخصية مقدسة, أفكر تقديم نظرية في تعريف الفن أزيد بها حدة الجدال الفلسفي وأجعل منها عقيدة لارتكاب هولوكست فنية لكل الساخطين عن الفن العربي!

جدياً اعتدنا على تعريف ومفهوم الفن حسب المورث التقليدي”هو اللغة أو الوسيلة التي يوصل من خلالها رسالة ما سواء كانت ترفيهة, فكرية, دينية,تاريخية, أخلاقية, علمية, قضايا…الخ” لكن واقعياً لم نحصل سوى على رسالة “الإباحية”, نعم لا ينكر هناك أعمال فنية بمعدلات نسبية سواء “مسلسلات” قدمت رسائل مميزة هادفة – بكل تأكيد قبل سنوات عدة – أما الآن فأنتم أعلم, أو “أغاني” لا ينكر هناك أغاني خاصة القديمة تحتوي على الروعة والجمال الكثير

أما الآن فإن أغاني هيفاء وما شاكلها أبسط دليل, لكن على صعيد “الأفلام” بكل أسف أقول لا توجد رسالة وحتى إن وجدت, فأي رسالة أخلاقية أو فكرية متوخاة من فيلم تخيم عليه المشاهد الإباحية؟

بلطف أكثر أسأل ما هو المنجز والرسالة المرسلة من فن كهذا؟ غير منجز المتعة التي يحصل عليها الفنان عند تمثيله مشاهد كهذه, وغير المنجز الثروة وشهرة, أعني منجز فكري, أخلاقي, ثقافي, ينتفع به الجمهور؟ وبدقة أكثر ما هي الرسالة من مشاهد أباحية كهذه, أين الحكمة والغاية منها؟ فالجواب المتوفر, نظرية مؤامرة وتدمير للقيم والأخلاقيات البشرية, لكن جواب كهذا, يا سادة سرعان ما يوبخ قائله ويتهم بالرجعية والتخلف كما تعلمون, فما الجواب الشافي إذن, أتساءل فهل من مجيب؟

عودة للمشهد السوري
الكثير منكم لا زال يعتريه الفضول حول المشهد الذي رأيته, ومنكم من توقع المشهد كأي مشهد رومانسي عربي تبادل قبلات ولمسات ما الجديد؟ المشهد أقذر مما توقعون!

قبل أن أصف لكم هذا المشهد, أتكلم عن الرحم الذي نتجت عنه هذه المسلسلات، ألا وهو “دراما زنا المحارم”.

إن هذا المشهد الذي تبين لي لاحقاً أنه من المسلسلة السورية “صرخة روح” ذات الثلاثة أجزء والرابع في رمضان القادم, جميعها  تقوم على هذه الدراما الهادمة, على العموم نكمل، إذ المسلسلة السورية هذه لم تخرج جزأها الأول على الشاشة العربية في رمضان2013, من دون وجود مقدمات وتجارب مسبقة أثبتت النجاح, ومن هذه التجارب قبل سنوات مسلسلة تركية مدبلجة كثر الحديث عنها اسمها “العشق الممنوع“.

قادني الفضول حينها حول سر المتابعة المبالغة لهذه المسلسلة فأي قصة تحمل؟ فسألت أحد المتابعين لها عن قصتها سرد لي موجز قصتها “هذه  (سمر) زوجة هذا السيد (عدنان) وهي أصغر من زوجها عدنان تحب ابن أخ زوجها اسمه (مهند) بينهم علاقة غرامية سرية, وبنفس الوقت بنت عدنان اسمها (نهال) تحب (مهند)، بينهم علاقة غرامية وخطوبة وهكذا تدور القصة”.

وهكذا تدور القصة بكل قذارة والمتابع/ة العربي يشاهد بكل شغف, بعيدأ عن النشأة والدراما التركية والدخول في التفاصيل، وحتى لا أكون محط مزايدة وادعاءات, أكمل حول المشهد السوري الذي أدمى فضول بعض القراء وقلبي أيضاً, المشهد بكل اختصار “طبيب سوري متزوج من امرأة يسكن أو تسكن والدة زوجته منزل واحد, فإذا بالطبيب يجد نفسه معجباً بأم زوجته ويفكر بها, وهي كذلك ـ أم زوجته – تبادله الإعجاب وتفكر به”.

هكذا يخرج لنا المخرج المشهد مزرقاً بمعالم القذارة, خلال دقائق معدودة, إن لم تكن هذه المشاهد تكرر في كل حلقات المسلسلة؛ كونها- المسلسة – تقوم على هذه القصص الوضيعة, فأي تدمير للقيم الإنسانية؟ وأي تحطيم للفطرة وحرق للقيم الدينية والأخلاقية؟ واسأل مرة أخرى يا سادة الفن وأعلامه ما هي الرسالة من قذارة كهذه, لكم مشاهدة من هذه القذارة “برومو” لأحد أجزاء المسلسل لعلكم تجدون الرسالة المفقودة:

فأين الأهل والمجتمع والواعظون والمثقفون والإعلاميون من مسلسلات كهذه, يتابعها أبناؤهم الذين يعرفون حجم مستواهم الفكري وقلة نضوجهم وحاجتهم الماسة للوعي والإرشاد, ولاسيما أن للإعلام تأثير، إن لم نقل قدرة على التحكم بالعقول بشكل كبير وعلم النفس أشد ما يحذر من مشاهد كهذه, فأين موقفهم – الأهل – وأين موقف العلماء والمثقفين من خطر فتاك كهذا؟

هل ينتظرون حلولا من وزارة الثقافة التي هي من سمح بالنشر وبارك, هل يعلم السادة المثقفون والواعظون والآباء المثاليون أن الشاشة العربية لم تقتصر على دراما “زنا المحارم” وأفلام الخلعية, وصل الأمر أن هناك قناة اباحية عربية على القمر نيل ستات تعرض للمشاهد العربي أفلام إباحية مجاناً على مدار اليوم, سواء كان المشاهد طفلة بريئة أو مراهق طائش لا يهم, الأهم إيصال الرسالة الفنية الضائعة.

على ما أسأل المجتمع والسادة النبلاء, فقد يكونوا أول المتابعين لهذه المسلسلات, إذ نسب المشاهدة التي حققتها “صرخة روح” المركز الرابع من المسلسلات الأكثر مشاهدة في شهر رمضان – بحسب موسوعة ويكيبيديا – وقلبها العشق الممنوع … إلخ من المسلسلات, والازداوجية التي أشرنا إليها أمور تثير التساؤل والشك.

هنا تذكرت كلمات للمفكر مصطفى محمود من كتابه  هل هو عصر الجنون أعتقد خير ما أختم به:

زنا المحارم في السنما العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق